الشاعر السوداني " إدريس جمَّاع"- عاشق الجمال حتى الجنون:
بقلم :الطيب أديب
=================
ولد الشاعر "إدريس محمد جماع" بمدينة
حلفاية الملوك 1922م ، و توفي في العام 1980 م، ونال الليسانس في اللغة العربية من
كلية دار العلوم بمصر و دبلوم التربية ،وعمل بمعهد المعلمين بالزيتون في
مصر،وعاد سنة 1952 م
إلى السودان وعمل معلما بمعهد التربية بشندى ثم انتقل إلى مدرسة الخرطوم بحري
الثانوية.
ورغم أن الشاعر -مرهف
الحس عاشق الجمال- إلا أنه كان تعس الحظ ،مؤمنا بما كتبه له ربه ،ولخص هذه
المعاناة في هذين البيتين الشهيرين :
إن حظي كدٓقيقٍ فوقٓ شوكٍ نثروه ..
ثم قالوا لِحُفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه
عَظِم الأمرُ عليهم ثم قالوا اتركوه ..
عَظِم الأمرُ عليهم ثم قالوا اتركوه ..
إن من
أشقاهُ ربي كيف أنتم تُسعدوه
وبعدما أصيب الشاعر السوداني إدريس جماع بالجنون ذهبوا به للعلاج في لندن، وفي المطار شاهد امرأة مع زوجها فأعجبته المرأة فراح ينظر إليها حتى غار زوجها على زوجته، مادفعه ليغطي وجهها، فقال "إدريس جماع" منشدا :
أعلى الجمال تغار منا؟ ..ماذا علينا إذا نظرنا؟
هي نظرة تنسي الوقار.. وتسعد الروح المعني
دنياي أنت وفرحتي.. ومني الفؤاد إذا تمني
أنت السماء بدت لنا.. واستعصمت بالبعد عنا
وعندما سمع الأديب والناقد المصري "عباس العقاد" هذه الأبيات، سأل عن قائلها ؟ فقيل له له لشاعر سوداني اسمه "إدريس جماع" فسأل العقاد:و أين هو الآن ؟ فأجابوه في مستشفي المجانين فقال : هذا مكانه لأن هذا الكلام لا يقوله عاقل..!
وعندما وصل الشاعر "إدريس جماع"
إلي لندن كانت الممرضة الإنجليزية المشرفة على علاجه ذات عيون جميلة ،مادفع الشاعر
"إدريس جماع" ليطيل النظر إليها حتى خافت وأخبرت مدير المستشفي بماحدث
معها، فأمرها أن تلبس نظارات سوداء وعندما رآها جماع أنشد يقول:
السيف في غمده لا تخشي بواتره..
وسيف عينيك في الحالين بتار
وعندما أخبرت الممرضة بالمعني بكت ..وقيل بأن هذا البيت أبلغ بيت شعر في الغزل في العصر الحديث..!
يقول "إدريس جماع" في قصيدته "أنت السماء" :
=============
=============
أعلى الجمال تغار منا ..ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسى الوقار.. وتسعد الروح المعنّى
دنياي أنت وفرحتي ..ومنى الفؤاد إذا تمنّى
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا.. واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحـمتَ مـتيمـا ..عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف ..مع الدجى مغنى فمغنى
هـزته مـنك مـحاسن ..غنى بها لـمّـَا تـغنَّى
يا شعلةً طافتْ خواطرنا.. حَوَالَيْها وطــفنــا
أنـسـت فيكَ قداسةً ..ولــمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ في عينيكِ ..آفاقاً وأسـراراً ومعـنى
كلّمْ عهـوداً في الصـبا.. وأسألْ عهـوداً كيف كـُنا
كـمْ باللقا سمـحتْ لنا.. كـمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهـبَ الصـبا بعُهودِهِ ..ليتَ الطِـفُوْلةَ عـاودتنا
هي نظرة تنسى الوقار.. وتسعد الروح المعنّى
دنياي أنت وفرحتي ..ومنى الفؤاد إذا تمنّى
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا.. واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحـمتَ مـتيمـا ..عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف ..مع الدجى مغنى فمغنى
هـزته مـنك مـحاسن ..غنى بها لـمّـَا تـغنَّى
يا شعلةً طافتْ خواطرنا.. حَوَالَيْها وطــفنــا
أنـسـت فيكَ قداسةً ..ولــمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ في عينيكِ ..آفاقاً وأسـراراً ومعـنى
كلّمْ عهـوداً في الصـبا.. وأسألْ عهـوداً كيف كـُنا
كـمْ باللقا سمـحتْ لنا.. كـمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهـبَ الصـبا بعُهودِهِ ..ليتَ الطِـفُوْلةَ عـاودتنا
ويقول في قصيدته :"رسالة الحياة"
======
إن الذي بمماته
هجر الحياة وسحرها
وحياته بالحب قد
كانت تمازج غيرها
يولي المحبة قومه
منحوه أو بخلوا بها
وبلاده قد عاش حتي
وبلاده قد عاش حتي
مات ينشد خيرها
وينشب نار جهادها
وينشب نار جهادها
دهرا ويرفع
قدرها
يكفيه نبلا انه
يكفيه نبلا انه
أدي الرسالة وانتها
رحم الله الشاعر-الرقيق مرهف
الحس- إدريس جماع .