الأربعاء، 22 يونيو 2011

عندما تصيح الديكة ..قصة قصيرة بقلم:الطيب أديب




هذه القصة القصيرة كتبتها في عام 2005 ونشرت في جريدة أخبار الأدب بتاريخ 4 /12 /2005 غير أن القصة تاهت  مني في زحمة مكتبتي المزدحمة بالكتب والصحف ،ولم أجد حتى مسودة القصة ..ومنذ أسبوع جاءني أحد الأصدقاء من الحريصين على متابعة كتاباتي الأدبية وهو يحمل الجريدة ، وراح يحلل القصة التي اعتبرها نبوءة لما حدث في ثورة 25 يناير ، وراح يقارن بين الديك الصغير الذي قلب الحظيرة على رأس الديك الكبير "الهرم " وماحدث مع شباب الثورة الذي أشعل لهيبها على ديكنا الهرم"أيضا .. وبينما صديقي يحلل الأحداث هناوهناك ،وقفت حائرا أمام براعته وحسه النقدي "الفطري "..أترككم مع القصة..ودمتم بخير وحرية.

*****************************

           عندما تصيح الديكة
             قصة قصيرة بقلم :الطيب أديب

 ارتاب الديك الصغير في أمر كبير الديكة الذي يتسلل ليلا خارج الحظيرة ،بينما الديكة والدجاجات في نوم عميق .وبينما كبيرالديكة يفتح الباب متسللا خارج الحظيرة،تسلل الديك الصغير خلفه بحرص..لم يصدق الديك الصغير عينيه فدعكهما جيدا وفتحهما مرة أخرى،وهز رأسه،فتأكد من المشهد المأساوي،وكان كبير الديكة يمزح مع الثعلب المكار ضاحا! الثعلب المكار "عدو الطيور"!
ساعة ورجع كبير الديكة يتسلل داخل الحظيرة،وأغلق الباب ببطء..الديك الصغير فاجأ كبير الديكة عندما قال له:تصبح على خير ياسيدي -الديك الأكبر – ولم يغمض له جفن طوال الليل..!
 عندما يتنفس الصبح تصيح الديكة تسبح الرحمن وفرحة بإشراقة يوم جديد .وتخرج من حظيرتها تبحث عن غذائها..!
كبير الديكة أعياه التعب وسقط ريشه وفقد توازنه ولم يعد قادرا على حفظ أمن الحظيرة أو تأمين غذائها،حتى صياح الديكة كل صباح أصبح يزعج كبير الديكة فأصدر( فرمانا ) بمنع الصياح،مما أزعج الحظيرة التي قررت وضع حد للمهزلة..!
وفي صبيحة يوم غير عادي،بينما كبير الديكة قابع في ركنه الخاص يلتهم إفطاره بشراهة داخل الحظيرة،دخل عليه الديك الصغير بجرأته المعتادة قائلا له: سيدي الديك الأكبر،هل انتهيت من إفطارك؟!
قال كبيرالديكة: ماذا تريد أيها الديك الشقي؟!
قال الديك الصغير:الجميع ينتظرونك خارج الحظيرة لأمر جلل..!
خرج كبيرالديكة فارتاب في الأمر وأصابته حالة ذهول عندما شاهد جموع الديكة والدجاجات،وقد بدت عليه علامات الضيق والتذمر. وقال كبير الديكة:ماذا أصابكم ؟
فقال الديك الصغير : لابد من حسم الأمر ،وقد اجتمعنا وقررنا أن نشكرك على ماقدمته للحظيرة طوال هذه السنوات الماضية وقد قررنا أن نريحك من التعب لتترك أمر الحظيرة لمن هو أقدر منك!
انتفض كبير الديكة واحمرت عيناه وقال: إذن هي مؤامرة وأنت مدبرها..أنت لم تتعلم الأدب،فلترك الكبار يتحدثون ،وسأجعلك عبرة لكل من يسيء الأدب مع الكبار..!
قال الديك الصغير: اسمع يامن كنت سيد الديكة..لو كانالأمر بالسن لكان من بيننا من هو أحق منك بالإمارة..ولكن الأمر برجاحة العقل والحكمة،والتفاني في خدمة الجماعة والسهر على أمنها ،وتأمين غذائها ،وعدم الانفراد بالرأي .ويجب أن تتذكر أيها الديك الهرم أننالم نسمع ولم نر في حياتنا يوما أن الديكة كانت تمزح مع الثعلب عدونا اللدود..!
تقدم كبيرالديكة من الديك الصغير الذي تقهقر للخلف وصعد مكانا مرتفعا ..وقالت دجاجة كبيرة :إياك أن تقترب من الديك الصغير ،ولا تنسى وعدك لنا عندما أمرناك علينا..!
وقال كبير الديكة: أنا قلت إنها مؤامرة ..!
قالت الدجاجة :سمها كيفما تشاء ،مؤامرة، ثورة ، انقلاب .. فنحن قد اخترنا ديكا آخر غيرك ،وستبقى ان أردت مكرما معززا بيننا حتى يقضي الله أمرك ..!
الذي كان كبير الديكة قال: وإن لم أنفذ قراركم ماذا أنتم فاعلون؟
قالت الدجاجة الكبيرة : أرض الله واسعة ..!
وبينما أمير الديكة الجديد والديك الصغير يتظاهران بالنوم ،تسلل الديك العجوز خارجا من الحظيرة وصعد فوقها وصاح بصوت مخنوق ،فجاء الثعلب مسرعا وأطبق على رقبته.فكانت صيحته الأخيرة..!
وأسرعت جموع  الديكة والدجاجات ،فأحكموا إغلاق الباب ،وتأهبوا لردع الثعلب..!

الأربعاء، 27 أبريل 2011

حفلة رأس الحنش ..قصة قصيرة بقلم :الطيب أديب

                         
                      حفلة رأس الحنش ..قصة قصيرة بقلم :الطيب أديب


ازدحم بيت جدي بالحريم والأطفال بعد زواج أعمامي الأربعة،ولولا حكمة جدتي أمينة – بعد رحيل جدي منصور - لتفرق أبي وأعمامي وخرجوا من البيت يشيدون بيوتا جديدة عصرية على أطراف القرية مثل جيرانهم ..كان البيت الكبير-المكون من ثلاثة طوابق- مبنيا بالطوب اللبن ومزدحما بالحجرات التي تتسع لنا ولأعمامي وأولادهم الصغار بينما يعيش جدي وجدتي بالدور الأرضي الذي يتوسطه صحن البيت الفسيح .
وأما حظيرة الطيور فتقبع خلف البيت وتطل بباب صغيرعلى الدورالأرضي مباشرة.
كنت أخشى فصل الصيف الذي تتسلل فيه الثعابين من الحظيرة للبيت بعد أن تفتك بدجاجات جدتي وحمامها  فتحرمني من البيض ولحوم الفراخ الشهية ،وتسبب لنا حالة من الفزع لاتنتهي إلا بإفلاح عمي حمدان الخبير بقتل الثعابين والذي يترقب الواحد منها حتى يخرجه من جحره وينقض عليه فيهشم رأسه تماما بعصاه المعكوفة وعندها تجتاح البيت حالة من الفرح !!

وكنت أرى السعادة تغطي وجه جدتي وهي ترى رأس الثعبان مهشمة تماما ، وهي تقول :إياكم وفصل رأس الثعبان عن جسمه ، فإما تحطيم رأسه وإما تركه يهرب خارج البيت بلارجعة !
وذات مساء هرول أعمامي  وجدتي لبيت جارتنا أم صابر بعد أن ارتفعت صرخاتها وهي تندب حظها وتلقي بالترب فوق رأسها الأبيض بينما جدتي تهدئ من روعها وتواسيها في بقرتها الوحيدة التي ترقد بلا حراك تحتضر أمام عينها بعد أن لدغها الحنش العجوز وابتلع ماقدرعليه من فراخ حمامها وفتك بماتبقى من دجاجاتها بلدغاته المميته ..زعقت جدتي في أعامي قائلة :لابد من قتل هذا الثعبان العجوز الماكر وإلا فسيعرض حياتنا وحياة  الجيران للخطر !
وبينما يهرول أبي و أعمامي بحثا عن الحنش لمحه عمي جابر يتسلق الحائط متسللا لبيت جدي ..وهنا أسرع الجميع للبيت يترقبونه ..قالت جدتي :ما أسهل التخلص  من الحنش وهو منتفخ البطن ،فهنا يصبح ضعيف المناورة ،ولكن احذروا تدفق سمه الزعاف الذي يدفعه بغزارة ناحيتكم ..!

أعيانا التعب ولم نعثر له على أثر،وقبل طلوع الفجر صحت جدتي على صياح الديك الكبير، صرخت جدتي فصحونا جميعا نهرول ناحيتها ،كان الحنش العجوز قد فتك بعدد غير قليل من طيور الحظيرة وتكوم يلف جسمه الضخم في"كُن" الحظيرة الكبير ،أسرع عمي وهدان ورفع حديدة طويلة وضرب الحنش الذي مد  رأسه خارج "الكُن " ليمطرنا بمقذوفات من سمه القاتل، ولكن الضربة فصلت رأسه عن جسمه وطارت الرأس التي لم نعثر لها على أثر،وهنا ..راحت جدتي تصب غيظها على عمي الذي لم يحسم القضية وزادها تعقيدا !
حالة الطوارئ اجتاحت جنبات البيت بعد أن قسمت جدتي أفراد البيت مجموعتين ،الأولى تنام نهارا وتصحو ليلا ..والثانية تنام ليلا وتصحو نهارا، لتجنب انتقام رأس الحنش وترقب هجومها المضاد الشرس،وأمرت بتشديد الحراسة عل أواني الخبز والطعام ومياه الشرب!
وبد ثلاثة أيام وقبل بزوغ الفجر، وبينما مجموعتنا تدور في أركان البيت لمح زكي ابن عمي الأكبر بريقا خافتا وحركة بطيئة في شرخ الحائط الأيمن لصحن البيت فأسرع يوقظ عمي حمدان وكل أفراد البيت،وما أن شعرت رأس الحنش بالخطر يحيطها من كل صوب حتى قذفت بسمها في صحن البيت ووثبت على رأس عمي حمدان الذي أسرع في لمح البصر يرميها على الأرض  وراح يدوس عليها بعصاه المعكوفة وانهلنا معه ضربا حتى تهشمت تماما ،وفي الصباح سمع الجيران فجاءوا  يشاركوننا الحفلة!



"جدتي تتسلق حائط الفيس بوك "-أحدث إصدارات الكاتب :الطيب أديب

    
 "جدتي تتسلق حائط الفيس بوك "-أحدث إصدارات الكاتب :الطيب أديب

"جدتي تتسلق حائط الفيس بوك "عنوان الجزء الأول من كتاب صدرحديثا للأديب الطيب أديب،عن دار المعرفة للنشر والتوزيع بالقاهرة ،وقد أهدى الكاتب عمله لأصدقائه على موقع "الفيس بوك"، والذين كان لهم الفضل في طباعته في كتاب كما يقول في مقدمة كتابه :
جاءت فكرة هذا الكتاب بعد إلحاح من أصدقائي المصريين والعرب على موقع "الفيس بوك" الشهير ، الذين تواصلوا مع ما أكتبه لهم على حائط صفحتي الشخصية بهذا الموقع ، وأرسل لهم المشاركات بإشارة لهم تحت عنوان : ( وقالت جدتي..) ، وقد لاقت هذه الإشارات صدى وتعليقات واسعة ، وبعد إلحاح مستمر من الأصدقاء لطبع أحاديث جدتي في كتاب ، جمعتها كما هي ولكن بدون تعليقات الأصدقاء - الكثيرة - والتي كانت تتجاوب مع الجدة لشجاعتها وتتبعها لكل صغيرة وكبيرة تدور في هذا الوطن العربي الشاسع الغارق في المتناقضات ، والخلافات السياسية .. ويشبر الكاتب في مقدمة كتابه أيضا بأنه على الرغم من خلافات الحكام وتسلط معظمهم على شعوبهم ، فقد كشفت الجدة عن تلاحم أبناء هذا الوطن واتفاقهم من أجل رفع المعاناة عن كاهلهم ، ورغبتهم الحقيقية في النهوض به سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، لصنع غد أفضل للأجيال القادمة.
وعن استلهام الكاتب لجدته في حكاياته قال :وقد استلهمت من حكايات جدتي القديمة التي كانت تحكيها لي في طفولتي، وصراحتها وشجاعتها في كشف الحقائق ما دفعني للتأثر بأحاديثها واستحضارها في كتاباتي التي جاءت تحت هذا العنوان .
وقد تنبأت الجدة في أحاديثها بماحدث في مصر والعالم العربي من ثورات على الفساد والاستبداد الذي ضاقت به الشعوب العربية حتى انتفضت لتغيير واقعها المرير والمحبط لصنع غد أفضل في كافة المجالات!
الكاتب صدر له من قبل عدة كنب منها : ،مجموعة "رحيل السنط " قصص قصيرة ،ورواية رائحة الطين"وكتاب "نحن والغرب وإسرائيل" ، وكتاب تربوي علمي بعنوان "طفلي من ميلاده حتى بلوغه ".
وكتب أخرى للأطفال والناشئة منها:تسعة كتيبات قصصية مصورة، ومجموعة"الفيل والنملة"، ومجموعة "سيرة الحبيب "عشرة أجزاء"عربي انجليزي " ، ومجموعة "من أبطال الإسلام "عشرة أجزاء . .ومجموعة "من أبطال العرب"ثمانية أجزاء .
_____________________________________________
الكتاب توزيع مكتبة دار المعرفة خلف جامع الأزهر-حارة البيطار.
ومكتبة دار حراء بشارع شريف بوسط البلد.



مجموعة "من أبطال العرب" للأطفال والناشئة-للكاتب :الطيب أديب












     مجموعة "من أبطال العرب" للأطفال والناشئة-للكاتب الطيب أديب

منذ أيام قلية صدرت مجموعة "من أبطال العرب " وهي أحدث إصدارات الأديب الطيب أديب للأطفال والناشئة ..المجموعة صدرت عن شركة جنى للنشر بالقاهرة، في ثمانية أجزاء مصورة وجاء كل جزء منها في 16صفحة تحكي سير مجموعة من أيطال العرب الذين حملوا راية الكفاح ضد المستعمر الأجنبي،وبذلوا الغالي والنفيس، وضحوا بأنفسهم في سبيل تحرير الوطن من قبضة الاستعمار.ومن عناوين الكتيبات:

*محمد كريم.. "قاهر الفرنسيين "

*أحمد عرابي.. "قائد الثورة العرابية"

 *سعد زغلول "زعيم الأمة "

     *عمر المختار.."شيخ الشهداء"

*محمد عبدالكريم الخطابي أسد الريف "

 *سلطان باشا الأطرش"أسد الجبل"

 *لالا فاطمة نسومر"خولة جرجرة "

*عبدالقادر الحسيني "قاهر الصهاينة "

يذكر أن الكاتب صدر له من قبل عدة كتب للأطفال منها:تسعة كتيبات قصصية مصورة، ومجموعة"الفيل والنملة"، ومجموعة "سيرة الحبيب "عشرة أجزاء ، ومجموعة "من أبطال الإسلام "عشرة أجزاء .. إلى جانب كتب أخرى ومنها ،مجموعة "رحيل السنط " قصص قصيرة ،ورواية رائحة الطين"وكتاب "نحن والغرب وإسرائيل" ، وكتاب تربوي علمي بعنوان "طفلي من ميلاده حتى بلوغه " ،وكتاب "جدتي تتسلق حائط الفيس بوك".

الجمعة، 7 يناير 2011

حكايات من تراث أجدادي -اختارها :الطيب أديب

p


حكايات من تراث أجدادي:

يقرأها الصغار ولايمل منها الكبار!

اختارها :الطيب أديب

_________________________

يحفل تراثنا العربي والإسلامي بالقصص والحكايات الرائعة، والتي تصلح كمادة خصبة تنمي في أطفالنا معاني نبيلة كالفصاحة والحكمة وحب الخير والذوق والجمال ،ومن واجب الآباء والمربين وكتاب أدب الطفل الاهتمام بها واتخاذها مادة ثرية تساعدهم في تربية الناشئة لاسيما في عصرنا هذا الذي اجتاحته موجة جارفة من التيارت الوافدة التي تهدد عقول الصغار !

نماذج من الحكايات:

حكاية ( 1 ) : عدل الإسلام

سقطت درع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فالتقطها رجل من اليهود : فرآهاالإمام في يده وعرفها فقال لليهودي درعي سقطت عن جمل لي أورق .

فقال اليهودي : درعي وفي يدي .. بيني وبينك قاضي المسلمين .. فذهب الإمام علي – كرم الله وجهه- مع اليهودي إلى القاضي شريح قاضي الكوفة .

قال القاضي شريح : ما تشاء يا أمير المؤمنين ؟

قال الإمام : درعي سقطت عن جمل لي أورق فالتقطها هذا اليهودي .

قال شريح : ما تقول يا يهودي ؟

قـال : درعي وفي يدي .

قال شريح : صدقت يا أمير المؤمنين إنها لدرعك ، ولكن لابد من شاهدين ، فدعى الإمام علي رضي الله عنه خادمه ، وابنه الحسن بن علي وشهدا أنها درعه .

قال شريح : أما شهادة مولاك فقد أجزناها ، وأما شهادة ابنك فلا نجزها .

قال الإمام : ثكلتك أمك، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

قال شريح : اللهم نعم .

قال الإمام : أفلا تجز شهادة سيد شاب أهل الجنة ؟

قال شريح : بلى ، ولكنه ولدك .

وأقبل اليهودي فتسلم الدرع من القاضي شريح وقال : أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين فقضى لي ورضى ، صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جمل لك والتقطتها وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله .

فما كان من الإمام عي إلا أن وهب درعه لليهودي وزاد له في العطاء .

_________________

حكاية ( 2 ): ما أجمل الحلال.. !

بينما رجل صالح اسمه " ثابت بن إبراهيم " يمشي في الطريق ، سقطت عليه تفاحة من بستان ، فالتقطها وأكل نصفها ، ثم توقف متذكرا أنها ليست من حقه فذهب إلى البستاني قائلا له : سامحني نسيت وأكلت نصف هذه التفاحة فخذ نصفها الآخر.

قال البستاني : البستان ليس ملكي ، وإنما هو ملك سيدي .

قال ثابت : وأين سيدك حتى أذهب إليه وأستسمحه ؟

قال البستاني : بينك وبينه مسيرة يوم وليلة .

قال ثابت : والله لأذهبن إليه مهما بعد الطريق .. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به " .

ولما بلغ دار صاحب البستان حكى له حكايته .

فنظر إليه صاحب البستان وقال له : لا أسامحك إلا بشرط واحد .

قال : ما هو ؟

قال : أن تتزوج أبنتي .. ووصفها له .

قال ثابت : قبلت خطبتها ، وسأتاجر فيها مع ربي .

وعندما تمت إجراءات الزواج ودخل ثابت على زوجته ، ألقى عليها السلام ، فردت عليه ووقفت ووضعت يدها على يده .

فتعجب من أمرها وقال في نفسه : ردت السلام إذن ليست بكماء ، وسمعت السلام إذا ليست صماء ، وقامت واقفة إذا ليست مقعدة، ومدت يدها إذا ليست عمياء .

فقال لها : إن أباك أخبرني أنك صماء ، بكماء ، مقعدة ، عمياء ، ولم أر ما أخبرني به .

قالت : إن أبي أخبرك بأني عمياء ، وأنا عمياء عن الحرام ، لأن عيني لا تنظر إلى ما حرم الله ، صماء عن كل ما لا يرضى الله ، بكماء لأن لساني لا يتحرك إلا بذكر الله ، مقعدة لأن قدمي لم تحملني إلى ما يغضب الله . ونظر ثابت إلى وجهها فكأنه البدر ، ودخل بها ورزقه الله منها بمولود ملأ الأرض علما وهو الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه .

__________________

حكاية ( 2 ): نجدة المعتصم

اعتدى بعض جنود الروم على امرأة مسلمة في بلدة اسمها " عمورية " ببلاد الروم ، فصرخت المرأة تستنجد بالخليفة العباسي قائلة :

وااا معتصماه .. فما كان من الرومي إلا أن زاد في ظلمها وتعذيبها قائلا : وما يقدر عليه المعتصم .. يجيء على أبلق وينصرك ؟ .

فبلغ خبر المرأة للخليفة المعتصم ، فأسرع ملبيا نداء المرأة ،وجهز جيشاً جرارا قوامه أثنى عشر ألف مقاتل ، وركب على رأس الجيش ، ولما وصل هناك سأل عن مكان المرأة فحاصر عمورية وطال حصاره لها ، فجمع المنجمون فأخبروه بأنه لن يفتحها إلا في زمان نضج العنب والتين ، لكنه لم يأخذ برأيهم وأصر على فتح عمورية ، فهاجم حصونها ودكها ففتحت له ، وهزم الروم شر هزيمة وأطلق سراح المرأة و جعلها تملك الرومي الذي اعتدى عليها ، وسيدها الذي كان يملكها ، وعاد إلى " سامراء " واستقبله الناس استقبالاً رائعاً.. وأنشد الشاعر "أبو تمام " قصيدته الشهيرة التي يقول في مطلعها :

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

ــــــــــــــــــــــــــ

حكاية ( 3 ): الأعرابي ومعن بن زائدة

تولى معن بن زائدة إمارة العراق ، وبينما هو منشغل في مجلس الحكم ، دخل عليه أعرابي دون إذن ، فنظر إليه معن بن زائدة متعجبا ، فقال الأعرابي :

أتذكر إذ لحافك جلد شاة ... وإذا نعلاك من جلد البعير

قال معن : نعم ، أذكر ذلك ، ولا أنساه .

قال الأعرابي :

فسبحان الذي أعطاك ملكا ... وعلمك الجلوس على السرير

قال معن : سبحانه على كل حال .

قال الأعرابي :

فلست مسلما ما عشت دهرا... على معن بتسليم الأمير

قال معن : إن السلام سنة يا أخا العرب تأتي به كيف شئت .

قال الأعرابي :

سأرحل عن بلاد أنت فيها ... ولو جار الزمان على الفقير

قال معن : إن أقمت فينا فمرحبا بك ، وإن رحلت عنا فمصحوب بالسلامة .

قال الأعرابي :

فجد لي يا ابن ناقصة بشيء ...فإني قد عزمت على المسير

قال معن : يا غلام اعطه ألف دينار .

فأخذها الأعرابي وقال :

قليل ما أتيت به وأني ... لأطمع منك بالمال الكثير

قال معن : يا غلام أعطه ألف دينار أخرى .

فأخذها الأعرابي وقال :

سألت الله أن يبقيك ذخراً ... فمالك في البرية من نظير

قال معن لغلامه : أعطه ألف دينار أخرى .

فأخذها الأعرابي وقال : أيها الأمير إنما جئت مختبراً حلمك لما بلغني عنه فلقد جمع الله فيك من الحلم ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم .

قال معن : يا غلام كم أعطيته على نظمه ؟

قال الغلام : ثلاثة ألاف دينار .

قال معن : أعطه على نثره مثلها .

_____________

حكاية( 4 ) : الجارية الفصيحة والخليفة المأمون

خرج الخليفة العباسي المأمون في رحلة صيد ، وانطلق بجواده خلف غزالة طريدة حتى بلغ ماء الفرات ، وكانت عندها جارية رائعة الجمال ، وبيدها قربة ملأتها وحملتها على كتفها وصعدت لأعلى ، فانحل رباطها فصاحت بصوتها العذب : يا أبت أدرك فاها .. قد غلبني فوها .. لا طاقة لي بفيها .. ورمت القربة من يدها .

فعجب المأمون من فصاحتها وسألها : يا جارية من أي العرب أنت ؟

قـــالت : أنا من بني كلاب .

قــــال : وما الذي حملك أن تكوني من الكلاب .

قـــالت : والله لست من الكلاب , وإنما أنا من قوم كرام غير لئام يقرون الضيف، ويضربون بالسيف ، ثم سألته : يا فتى من أي الناس أنت ؟

قــــال : أو عندك علم بالأنساب ؟

قـــالت : نعــــم .

قــــال : أنا من مضر الحمراء .

قـــالت : من أي مضر ؟

قــــال : من أكرمها نسبا وأعظمها حسبا وخيرها أما وأبا , وممن تهابه مضر كلها .

قـــالت : أظنك من كنانة .

قــــال : أنا من كنانة .

قـــالت : من أي كنانة ؟

قــــال : من أكرمها مولدا وأشرفها محتدا وأطولها في المكرمات يدا ممن تخافه كنانة وتهابه .

قـــالت : إذن أنت من قريش .

قــــال : أنا من قريش

قـــالت : من أي قريش ؟

قــــال : من أجملها ذكرا ومن أعظمها فخرا تهابه قريش كلها وتخشاه .

قـــالت : أنت والله من بني هاشم .

قال : أنا من بني هاشم .

قـــالت : من أي هاشم ؟

قــــال : من أعلاها منزلة وأشرفها قبيلة ، ممن تهابه هاشم وتخافه .

فقـالت : السلام عليك ياأمير المؤمنين وخليفة رب العالمين .

فعجب المأمون من فصاحتها وجمالها وأدبها فأقبل إلى أبيها وطلبها منه فتزوجها وأنجبت له ولده العباس .

________________

حكاية ( 5 ) : فصاحة غلام

أصابت البادية القحط في عهد الخليفة الأموي " هشام بن عبد الملك " ،وقدم أهل البوادي عليه فخافوا أن يتكلموا ، وكان فيهم صبي اسمه " ورداس بن حبيب " ولما رآه الخليفة قال لحاجبه :

ما شاء أحد يدخل على إلا دخل حتى الصبيان ؟

فقال الصبي : يا أمير المؤمنين ، إنا أصابتنا سنون ثلاث ، سنة أذابت الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة نقت العظم ، وفي أيديكم فضول أموال ، فإن كانت لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم فعلام تحبسوها عنهم ؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإن الله يجزي المتصدقين ، ولا يضيع أجر المحسنين .

فقال هشام : ما ترك لنا هذا الغلام في واحدة من الثلاث عذرا ، فأمر للبوادي بمائة ألف درهم ، وله بمائه ألف درهم .

فقال الصبي : ارددها يا أمير المؤمنين إلى جائزة العرب ، فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم.

فقال هشام : أما لك حاجة ؟

قال الصبي : مالي حاجة في خاصة دون عامة المسلمين .

فخرج الصبي وهو سيد القوم وأكرمهم .